أنقرة
أنقرة
أنقرة هي عاصمة تركيا وثاني أكبر مدنها بعد إسطنبول. يبلغ عدد سكان مدينة أنقرة بضواحيها ما يقارب اربعة مليون ونصف نسمة تقريبا وفقا لإحصاءات 2010 م. وهي بذلك تعد المركز الخامس والأربعين عالميًا من حيث كثافة السكان. تقع أنقرة على هضبة الاناضول بوسط تركيا كما يبلغ متوسط ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 938 مترا. ونظرا لأهميتها التجارية والصناعية، ولموقعها الجغرافي فقد اتخذتها الحكومات التركية المتعاقبة عاصمة سياسية لها ومقرا للوزارات والمكاتب الحكومية والبعثات الاجنبية.
يعود تاريخها إلى ماقبل 10,000 عام عندما سكنها الإنسان البدائي الأول، ثم حكمها الحاثيون، والحيثيون، والفريجيون، والليديون ثم الأخمينيون الفرس،ثم جاء بعد ذلك المقدونيون والكلدانيون وأخيرا استولى عليها الرومان، وبعد انقسام الامبراطورية الرومانية ظلت تحت حكم البيزنطيين حتى فتحها السلاجقة ثم سقطت في أيدي المغول إلى أن سيطر عليها العثمانيون في القرن الرابع عشر. ومنذ عام 1923 أعلن مصطفى كمال أتاتورك أنقرة عاصمة للجمهورية التركية.
أصل التسمية
تعود أساس تسمية مدينة أنقرة إلى اللغة اليونانية عندما سماها الفريجيون باسم أنكورا (Anküra), وتعني مرساة السفينة، وتقول بعض الأساطير القديمة أن ميداس ملك فريجيا وجد لأول مرة مرساة في أنقرة, ويذكر أن الاسكندر المقدوني مر من أنكورا في سفره تجاه الشرق عام 333 (ق.م)، كما يوجد اليوم في متحف الأناضول نقود قديمة تعود للقرن الثاني الميلادي قد صك عليها صورة مرساة السفينة. وكما عرفت انقرة كذلك من اسمها اللاتيني وخصوصا في المصادر الغربية باسم أنكيرا أو أنقيرا (Ankyra أو Ancyra) بالترتيب, عرفت أيضا في العصر العباسي باسم عمورية نسبة إلى معركة عمورية التي نشبت بين الخليفة العباسي المعتصم بالله والأمير البيزنطي تيوفيل, وعندما سيطر السلاجقة الاتراك على المدينة اطلق عليها اسم أنقرة.
التاريخ القديم
تنتمي أقدم المستوطنات داخل وحول مركز مدينة أنقرة إلى الحضارة الحيثية التي كانت موجودة خلال العصر البرونزي. ثم توسعت المدينة من حيث المساحة والأهمية في عهد الفريجيين اي منذ حوالي 1000 سنة قبل الميلاد خصوصا بعد الهجرة الجماعية من غورديوم (عاصمة فريجيا)، على اثر زلزال عنيف دمر تلك المدينة انذاك، عرف ذلك من خلال الطقوس التي كانت تجري في فريجيا، وكان يتم فيها تبجيل الملك ميداس على انه المؤسس لمدينة أنقرة، ولكن بوسانياس اشار إلى أن المدينة كانت في الحقيقة أقدم بكثير، وهذا مايتفق مع المعارف الأثرية الحالية.
وقد نجح الحكم في فريجيا بواسطة الليديون وفيما بعد الحكم الفارسي، على الرغم من طابع القسوة التي ميزت حكمهم خلال تلك الفترة تجاة الفلاحين والتي تركت اثارها طبقا للشواهد الكثيرة التي خلفتها الإمبراطورية الرومانية. وقد استمرت السيادة الفارسية حتى هزيمة الفرس على يدي الإسكندر الأكبر الذي غزا انقرة عام 323 (ق.م)، وظل فيها لفترة قصيرة، وهو في طريقه من غورديوم إلى بابل عندما توفى فيها سنة 333 (ق.م)، وما تبعه من تقسيم للإمبراطورية بعد وفاته بين قادته العسكريين، حيث التأنقرة وضواحيها من نصيب أنتيغونوس. كما شهدت أيضا توسعا مهما على ايدي الاغريق الذين جاءوا إليها حوالي 300 (ق.م) حيث وضعت المدينة كمركز تجاري لتبادل البضائع بين موانئ البحر الأسود وشبه جزيرة القرم في الشمال؛ والى آشور وقبرص ولبنان في الجنوب؛ والى جورجيا وأرمينيا وبلاد فارس إلى الشرق.
عصر الكلت
في عام 278 قبل الميلاد، أحتلت المدينة مع بقية الأناضول الوسطى، من قبل الغلاطيين ،احدى مجموعات الكلت، التي جعلوا منها وجعلوها من المركز الرئيسي لقبيلة تكتوساكس. ومن المراكز مدينة بسيونيس، وهي مدينة بلهيراس الحالية، التي كانت مقرا لقبيلتي تروكمي ومدينة تافيوم الواقعة في جهة لشرق من أنقرة مركزا لقبيلة تيلستبوغي. وكانت تعرف المدينة انذاك باسم "أنكيرا". وكان عدد الكلت صغيرا نسبيا ويتكونون من الطبقة الأرستقراطية المحاربة التي حكمت الفلاحين الناطقين باللغة الفريغانية. ومع ذلك، واصلت اللغة الكلتية كلغة محكية في غلاطية لقرون عديدة. وفي نهاية القرن الرابع، دون القديس جيروم، وهو من مواطني دالماتيا، أن اللغة الشائعة حول أنقرة كانت مشابهة جدا لتلك التي يتحدث بها سكان شمال غرب الدولة الرومانية بالقرب من مدينة ترير.
العصر الروماني
بعد ذلك تم فتح المدينة من قبل أوغسطس في عام 25 قبل الميلاد، فأصبحت تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية وعاصمة مقاطعة جالاتيا الرومانية لتواصل أنقرة لتكون مركزا ذا أهمية تجارية كبيرة كبرة. وهي مشهورة بمعبد أوغسطس وروما الذي يحتوي على السجل الرسمي لأعمال أوغسطس والمعروف باسم "أعمال أغسطس الإلاهية" وهو نقش على قطع الرخام على جدران هذا المعبد، وما زالت أطلال أنقرة تقدم حتى اليوم في أهم المنتحتات النافرة المنحوتات البارزة والنقوش المعمارية القيمة مخلفات وبقايا الاثارالأثرية الأخرى.
وقد حين قرر أوغسطس بجعل أنقرة إحدى المراكز الإدارية الثلاث الرئيسية في وسط الأناضول ،. ثم تم أسكنها بشعوب البهريغيانس والكلت من أهل غلاطية الذين كانوا يتحدثون بلغة متفرعة من اللهجات الويلزية والغيلية. كانت أنقرة مركزا لقبيلة تعرف باسم يكتوساجالتي رقاها أوغسطس إلى رتبة عاصمة إقليمية كبرى في إمبراطوريته. وقد نمت أنقرة إلى مدينة كبرى بجانب مدينتين أخرتين جذبتا قبائل الغلاطية وهما تافيوم وباسينوس.
ووصل تعداد المدينة إلى ما يقدر ب 200،000 شخص في فترة الإمبراطورية الرومانية، وهو عدد أكبر بكثير مما كان عليه تعدادها من بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية وحتى أوائل القرن العشرين 20th. ويمر بوسطها نهر صغير يسمى شايي أنقرة والذي شكل حدودها الشمالية خلال حكم البيزنطيين والرومان والعثمانيين. وتقع تشانكايا على حافة التل المهيب إلى الجنوب من وسط المدينة الحالية، الاانها كانت خارج المدينة أيام الرومان، ومن المحتمل أنها كانت منتجعا صيفيا. وفي القرن التسع عشر، كان هناك بقايا فيلا رومانية واحدة على الأقل قائما بقرب المقر الرئاسي في تشانكايا الحالي. وكانت امتد حدود المدينة الرومانية قد امتدت حتى منطقة حديقة كينشلك ومحطة سكة الحديد من الغرب، بينما امتدت في الجنوب إلى موقع جامعة هاستيب الحالي. ولذا كانت مدينة كبيرة بكل المقاييس وأكبر بكثير من المدن الرومانية في بلاد الغال أو بريطانيا.
واكتسبت أنقرة أهميتها من موقعها على تقاطع طرق الأناضول الشمال الجنوبي والشرق الغربي. كما كانت على الطريق الإمبراطوري العظيم الشرقي وقد مر بهاالعديد من الأباطرة وجيوشهم التي جاؤا إليها بهذه الطريقة من هذا الطريق، كما مر بها الغزاة أيضا. في النصف الثاني من القرن الثالث تعرضت للغزوتم غزوها في تعاقب سريع من قبل القوط القادمين من الغرب والذين وصلوا إلى قلب كابادوكيا بعد نهبها وسبي أهلها، كما غزاها العرب فيما بعد، وأصبحت المدينة ولعقد من الزمن، كانت المدينة واحدة من البؤر الاستيطانية الغربية التابعة لاكثر ملكات العالم القديم شهرة ولمعانا وبراقة وهي الامبراطورة العربية زنوبيا ملكة تدمر القادمة من الصحراء السورية، والتي استغلت فترة الضعف والفوضى في الإمبراطورية الرومانية لإقامة دولة قصيرة الأجل أيضا.
في عام 272، ضم الإمبراطور أورليان مدينة أنقرة إلى الامبراطورية الرومانية مرة أخرى. وهناك أدلة بأن نظام الحكم الرباعي الذي أدخله دقلديانوس في الفترة ما بين (284-305) (أي نظام حكم الأباطرة المتعدد والتي تصل إلى أربعة اباطرة) ساهم في تنفيذ برامج إعادة البناء كبيرة ولإنشاء طرق من أنقرة وإلى الغرب باتجاه مدن جيرمي ودوريليوم أي إسكيشهير الحالية.
في أوج نموها، كانت أنقرة الرومانية سوقا كبيرا ومركزا تجاريا مشهورا بالضيافة لكونها عاصمة إدارية رئيسية، ومركزا لحاكم رفيع كان يخدم من البريتوم (خيمة الحاكم العسكرية) في المدينة. وخلال القرن الثالث، تحولت الحياة في أنقرة ناحية الجو الحياة العسكرية، كما هو الحال في مدن الأناضول الأخرى، ردا على تزايد الغزوات على المدينة وحالة عدم الاستقرار فيها. وفي هذه الفترة، كما في غيرها من مدن الأناضول الوسطى، تم تنصير المدينة.
وكان بروكلوس هيلاريوس من أوائل الشهداء المسحيين والذي لا نعرف إلا القليل عنه، والذي كان أصلا من قرية كاليبي المجهولة قرب أنقرة، والتي عانت من القمع خلال حكم الإمبراطور تراجان (98-117). كما دون في حقبة عام 280 م عن فسلومينوس، بان تاجر الذرة المسيحي، وهو من جنوب الأناضول، إلقي القبض عليه واستشهد في أنقرة واستاثيوس.
وكما هو الحال في المدن الرومانية الأخرى، تميز عهد دقلديانوس باضطهاد للمسيحيين. ففي سنة 303 م، كانت أنقرة إحدى المدن التي انطلقت منهاأعمال الاضطهاد ضد المسيحيين بأوامر الأمبراطور دقلديانوس ونائبه غاليريوس وكان الهدف الأول هوأسقف المدينة والذي كان عمره 38 عاما واسمه كليمان، الذي اقتيد إلى روما، ثم أرسل مرة أخرى إلى المدينة، وخضع لاستجواب عنيف وتعرض لمختلف اتواع التعذيب قبل قتله هو وشقيقه، وأصحابة. ويمكن العثور على بقايا كنيسة سانت كليمنت اليوم في مبنى قبالة دير القديس اشكيلار في حي أولوس ومن المحتمل جدا أن يكون هذا الموقع هو نفسه موقع دفنه الأصلي. وبعد أربع سنوات، استشهد طبيب من بلدة يسمى أفلاطون وشقيقه انطيوخس بأوامر غاليريوس. وطوب ثيودوتوس من أنقرة قديسا.
ومع ذلك، فقدأثبت الاضطهاد فشله. حيث أصبحت أنقرة مركزا هاما لاحدى مسيحية مبكرة والتي وضعت السياسات الكنسية لإعادة بناء المسيحية بعد الاضطهاد، وعلى وجه الخصوص معاملة اللبسيين، أي المسيحيين الذين اجبروا على اعتناق الوثنية أثناء هذا الاضطهاد.
وخلال القرن الرابع، عقد ثلاثة مجالس كنسية في العاصمة السابقة لجالاتيا في آسيا الصغرى. الأولى هو المجمع السنودس الأرثوذكسي المطلق في عام 314، والذي أصدر 25 شريعة تأديبية تشكل واحدة من أهم الوثائق في وقت مبكر من تاريخ إدارة سر التوبة وتسعة منهم يتعاطى مع شروط مصالحة اللبسييين، والبعض الآخر، يتناول مواضيع الزواج واغتراب رعاية ممتلكات الكنيسة،... الخ.
وعلى الرغم من ترنح الوثنية في انقرة ايام كليمان، فقد كانت تمثل لا تزال دين الأغلبية الا انه وبعد عشرين عاما، حلت مكانها المسيحية والديانات التوحيدية وسرعان ما تحولت أنقرة إلى مدينة مسيحية، مع حياة يسيطر عليها الرهبان والكهنة والخلافات اللاهوتية، بالإضافة إلى قيام مجلس المدينة أو مجلس الشيوخ بفتح الطريق إلى تثبيت الأسقف كشخصية المدينة المركزية الرئيسية. وعليه فقد خلال منتصف القرن الرابع، شاركت أنقرة في النزاعات اللاهوتية المعقدة حول طبيعة المسيح، التي شكلت بداية الأفكار الآريوسية في منتصف القرن الرابع.
وتحول المجمع الكنسي في عام 358 م، إلى شبه تجمع آريوسي برئاسة باسيل، من أنقرة، الذي كان قدأدان الأفكار الآريوسية من قبل، إلى اقرار هرطقة جديدة تقوم على قدم المساواة حين قبلت بقكرةاعتبار الابن كان متساويا في كل شيء مع الآب، ولكن ليس متطابقا من حيث الجوهر.
وفي أواخر القرن الميلادي الرابع، أصبحت أنقرة منتجع الإمبراطورية، وأصبحت عاصمة للرومانية الشرقية بعد القسطنطينية، وكان أباطرة القرنين الرابع والخامس يقصدونها هربا من رطوبة صيف مضيق البوسفور إلى جو أنقرة الجبلي الأكثر جفافا.وقد أبقى ثيودوسيوس الثاني (408-450)، مجلسه الصيفي في أنقرة، وكانت القوانين الصادرة في أنقرة تشهد على الوقت الذي قضوه هناك. وقد استمرت أهميتها العسكرية واللوجستية بشكل واضح حتى الحكم البيزنطي الطويل، على الرغم من سقوط أنقرة لفترة في أيدي الجيوش العربية المسلمة عدة مرات بعد القرن السابع، إلا أنها ظلت مفترق طرق هام وأساسي ومدينة رئيسية خلال حكم الإمبراطورية البيزنطية حتى أواخر القرن الحادي عشر، وكانت أيضا عاصمة ثيمة الاوبسيسية القوية، التي كانت مقاطعة بيزينطية, وفيما بعد عاصمة ثيمة البوسيليرية في عام 750 م.
التاريخ التركي الحديث
لقد اختيرت انقرة عاصمة أوربا لعام 2010 في 19 معرضاً سياحياً, وبلغ إجمالي زائريها حوالي 1.7 مليون, كما اختيرت مدينة اسطنبول في نفس العام عاصمة أوربا الثقافية في المعارض والمؤتمرات الدولية التي انعقدت في إسطنبول، مثل معرض شرق البحر الأبيض الدولي للسياحة والسفر والتقاء تحالف الحضارات ومنتدى المياه العالمي الخامس.
المصدر ويكيبيديا
التعليقات (0)